منتخب
تاهيتي اليوم كان رمز الروح الرياضية والوطنية الحقيقية، ولذلك من العار
على كل أولئك الذين شاهدوا المباراة أن يُعايروهم بضعفهم ويستخفوا بهم
ويجعلوهم فكاهة الأسبوع. فما فعله هذا المنتخب اليوم هو قمة في الشجاعة
والجرءة فعوضا عن جلوسهم في الوطن واكمال مهامهم أتوا ليكونوا فريقا يمثل
وطنهم. فكما رأينا، لاعب واحد من بين جميع لاعبي الفريق هو لاعب
احترافيّ والبقية أصحاب مهن أخرى أتوا لتمثيل منتخب بلادهم وليكون هذا
البلد من ضمن الأسماء المشاركة في البطولة! دخلوا أرضية الملعب غير
آبِهين بالخسارة ومقتنعين بها وبأنّ النتيجة ستكون كارثيّة، كانوا كالذي
يدخل الحرب دون سلاح لكنّ الأمل لم يُفارقه بأن يُصيبه العدو وبأنّه سينتصر
ولو انتصارا صغيرا.. سيكون ذلك كفيلا باثبات اقدامه وشجاعته..قلبه كله
شجاعة وأمل في أن يصيب الخصم ولو بقطعة حجر صغيرة أو فقط أن يدافع عن نفسه
بقتالية! وفعلا كانت النتيجة المتوقعة، وعلى الرغم من ذلك وقف لاعبو
منتخب تاهيتي مصفقين للأبطال برؤوسٍ شامخة ممثلين بلدهم دون اكتراث للأهداف
العشرة التي أصابت مرماهم. من الجدير هنا بالذكر أن لا ننسى الهدايا
–والتي على رغم بساطتها تحمل العراقة- المقدمة من منتخب تاهيتي إلى منتخب
اسبانيا.. ومع كل ذلك لم تكن هذه أسبابا تدفع منتخب اسبانيا الى التساهل في
اللعب ضد خصمهم إنّما على العكس تماما كما أعلن اللاعب إنييستا قبل
اللقاء" إحترام الخصم يأتي بعدم التهاون معه وباللعب بقتالية"..معنى الكلام
أن الإحترام الخصم لا يأتي بالتساهل معه وإنّما باللعب بأقصى الطاقات
الممكنة للمنتخب الاسباني، وهذا ما كان فعلا على أرض الملعب. خلاصة
القول أنّ عالم المستديرة ليس عالما كما يعتقده البعض مجرّد أهداف وجري خلف
الكرة إنّما هو عالم يحملُ التشويق والاثارة ليُعلّمك دروسا في الأخلاق
والقيم. والدرس اليوم كان على يد المنتخب التاهيني فشكرا له.. يستحق أن
أرفع له القبعة!